مذكرات لاعب # رود فان نستلروي الهولندي قصة وداع

كشخص عادي أعتقد أني مختلف تمامًا عن رود فان نيسترلوي لاعب كرة القدم، دائمًا ما كنت شغوف وطموح للوصول لأبعد ما هو ممكن خصوصًا وإذا تعلّق الأمر بتسجيل الأهداف، هدفي دومًا أن أكون الأفضل، وهذا الهوس المرتبط بالسعي لأفضل شئ أحيانًا يُبرز في شخصية الفرد منا جانب غير متوقع، من الممكن حتى أن يكون سيئًا إلى حد ما، وهذا الجانب ظهر مع أقرب الناس وأحبهم إليّ وأكثرهم تأثيرًا على مسيرتي الكروية، وتركت انطباعًا غير جيد معه في آخر أيامنا سويًا. لعبت في عدة أندية خلال مسيرتي الكروية وارتديت قمصانًا كثيرة، لكن يظل مانشستر يونايتد هو النادي الأقرب إلى قلبي، فهناك سطع نجمي في السماء الأوروبية وعرفني الناس حول العالم بكوّني المدفع المُدمر الخاص بحِصن الأولد ترافورد، لكن آخر مواسمي بهذا القميص لم يكن جيدًا على الإطلاق، والخاتمة كانت سيئة بدرجة غير متوقعة. في هذا الموسم كنت أريد الرحيل لريال مدريد لرغبتي في الفوز بدوري أبطال أوروبا والذي كنت أرى أنه مستحيل التحقيق في مانشستر يونايتد مع لاعبين صغار السن أمثال رونالدو وروني، واجتمعت بالفعل مع ديفيد جيل - الرئيس التنفيذي السابق لمانشستر يونايتد - وأوضحت له وجهة نظري، لكنه أقنعني بأن النادي سيدخل سوق الانتقالات الصيفية بقوة وسيتعاقد مع لاعبين قادرين على إعادة الفريق للمنصات الأوروبية، بالإضافة إلى أن ريال مدريد لم يكن سيدفع مبلغ 35 مليون يورو وأنا مُوقن أن في يونايتد لن يقبلوا بأقل من هذا المبلغ لبيعي، ولهذا قبلت بالاستمرار ولكن كان بداخلي غُصة. كنت أعلم في قرارة نفسي أن داخلي بعضًا من الغضب سيخرج في أي لحظة لا أعلم مكانها أو زمانها، ولن أستطيع أن أُسيطر عليها وقتئذ، وبالفعل حان وقتها وقد كان في المباراة النهائية لكأس انجلترا وكنا سنواجه فريق ويجان، وكان لويس ساها هو من يلعب أغلب مباريات الكأس، لذا فقد جاء لي السير أليكس فيرجسون قبل المباراة وقال لي بأنه يعلم أنني أُحب لعب المباريات النهائية، لكن سيكون من الظلم ألا يُشرك ساها أساسيًا اليوم وهو الذي يخوض البطولة من بدايتها، ووعدني أن أشارك إذا لم تسر الأمور على نحو جيد. المباراة اتجهت في الاتجاه الصحيح وكنا نلعب جيدًا، وظننت أنني سأشارك في دقائق المباراة العشر الأخيرة على أقل تقدير وحينها أستطيع أن أترك بصمتي بتسجيل أو صناعة هدف، لكني وجدت السير فيرجسون قادمًا إليّ وقال لي أُريد أن أدفع بالثنائي الجديد -إيفرا وفيديتش- لأنني أرى أنها فرصة رائعة لهما ليتذوقا طعم الفوز والتتويج بالألقاب، وفي لحظة لم أكن فيها أنا، وجدتني أنهال بالسُباب عليه، نعم لقد نظرت في عينيه وقلت له أنت أحمق، الجميع بجانبي على الدكة استنفر مني وطالبوني بالتوقف لكني لم أكن في وعيي، ثم صمتُ أنا وصمت الجميع ومرت ثواني كانت كالسنوات، وتركني السير ورحل لمتابعة المباراة وحينها علمت أنها النهاية. حماقتي لم تتوقف عند هذا الحد وأبت إلا أن تزيد الطين بلة، ففي المران الأخير لآخر مباريات هذا الموسم بالدوري، كان كريستيانو رونالدو صاحب الـ 20 عام وقتها يركض بالكرة ولا يمرر لأحد مراوغًا لهذا وذاك كعادته، لم يمرر لي أي كرة طوال المران وظل ينطلق للمرمى بمفرده، فتوقفت عن الركض في النهاية وأنا غاضب عليه فنظر لي وقال توقف عن الصراخ، وهنا ركضت نحوه وتبادلنا السُباب دون توقف، حتى انتصرت أنا في النهاية قائلًا له اذهب وأبكي عند أبيك، فوجدته صمت للحظة وانهار على الأرض باكيًا. في نفس لحظة انهياره لم أفهم لماذا تأثر هكذا بكلماتي، لقد كنت أقصد أن يذهب لـ كارلوس كيروش - مساعد المدرب - والذي كان يتعامل مع رونالدو وكأنه ابنه ونمازحه بهذا طوال الوقت، وظللت مُشتتًا هكذا حتى اقترب أحد اللاعبين من أذني وهمس لي: "لقد طعنته بقوة.. هل نسيت وفاة أبيه؟"، وهنا تذكرت أن والد كريستيانو كان قد توفى قبل بِضعة أشهر ولم يكن قد تعافى من حزنه عليه بعد، لقد أطلقت رصاصة مباشرةً في قلبه. جاء اليوم التالي ووجدتني مُستبعدًا عن قائمة الفريق لآخر مباريات الموسم فغضبت ورحلت عن الملعب، ولم تمضِ بِضعة أيام حتى تم إخباري بأن السير أليكس فيرجسون لم يعد يريدني معه في الفريق، وبالفعل رحلت لريال مدريد بعد شهرين من الواقعة مقابل 14 مليون يورو فقط، نعم تحققت رغبتي في الذهاب للنادي الملكي لكنني لم أرغب أن تكون هذه هي النهاية في مانشستر يونايتد. اليوم أكتب مذكراتي فيما يخص آخر أيامي كشيطان أحمر، وأدركت أنه وبعد مرور أربع سنوات لم تتسنى لي الفرصة للاعتذار من السير فيرجسون، سأُهاتفه اليوم وآمل من كل قلبي أن يغفر لي حماقتي تلك...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصص حياة و مسيرة لاعبي كرة القدم # الهولندي القناص روبن فان بيرسي # نجم ارسنال السابق

قصة البطل العالمي # محمد صلاح نجم ليفربول الانكليزي

قصص و مسيرة لاعبي كرة القدم #الايفواري ديديه دروغبا # الجزء الثاني و دوره في ايقاف الحرب الاهلية